Login to your account

Username *
Password *
Remember Me

لمحات من تاريخ السويس.. 8 سنوات على رحيل المحافظ المدنى الوحيد في تاريخ السويس ( احمد حلمى بدر )

احمد حلمي بدر احمد حلمي بدر

بقلم المؤرخ: حسين العشي

يمر اليوم 8 سنوات على وفاة المرحوم ( احمد حلمى بدر ) ..المحافظ المدنى الوحيد فى تاريخ السويس والذى اختاره الرئيس ( انور السادات ) فى عام 1978 ليكسر بذلك القاعدة التى وضعها حاكم مصر الداهية ( محمد على باشا ) منذ عام 1812 بأن يكون هذا المنصب للقادة العسكريين فقط - بسبب الظروف الاستراتيحية لبعض المحافظات المصرية والتى كانت تسمى محافظات المواجهة او المحافظات الحدودية ، والتى تستلزم ان يكون لحكامها قدرات خاصة مرتبطة بطبيعة العمل فى القوات المسلحة والسويس بطبيعة وضعها الجغرافى تستلزم ان تكون ضمن هذه المحافظات ذات الطبيعة الخاصة .

وبالاضافة الى هذا البعد الاستراتيجى كان ( انور السادات ) يريد ان يكون اختيار المحافظين من بين ابناء كل محافظة خطوة على طريق الوصول الى هدف اخر وهو ان يكون المحافظون بالانتخاب وليس بالتعيين

وواجه السادات معارضة قوية من القوى التى لاتريد التخلى عن نفوذها وسطوتها والتى نسميها اليوم ( الدولة العميقة ) ..

واستغلت تلك القوى والاجهزة احداث يناير 1977 فى ( تخويف ) السادات من الاتجاه الى الديمقراطية لكنه استمر فى تنفيذ افكاره التى سبق بها عصره وقرر تعيين المحافظين من بين ابناء كل محافظة

وصدرت بالفعل حركة المحافظين فى نهاية عام 1978 تحمل هذا المبدأ فى كل المحافظات المصرية الا انها كانت الحركة ( اليتيمة ) والوحيدة ...فسرعان ماتم العدول عن هذا المبدأ بعد اغتيال ( السادات ) فى 6 اكتوبر 1981 ليعود الحال الى ماهو عليه مرة اخرى ..

من هو احمد حلمى بدر ..؟

كان احمد حلمى بدر شخصية لايوجد لها مثيل ..توليفة عجيبة من المواهب والقدرات والذكاء الفطرى قلما تتوافر فى انسان واحد...بدأ حياته انسان بسيط فى محلات ابوالجدايل بميدان الشونة
حتى وصل الى قمة الهرم السياسى والاجتماعى والاقتصادى فى مصر كلها
وواحد من اهم خبراء النقل البحرى فى الشرق الاوسط
يجالس رئيس الجمهورية فى الصباح
ويضحك مع رئيس الوزراء عصرا
ويشرب الشاى مع اولاد البلد الطيببين فى المساء على قهوة اسكندرية
ويؤجل مواعيده مع بافى مجلس الوزراء الى اليوم التالى

الرجل واحد من اولئك الذين صنعتهم واخرجتهم (صيغة) السويس أو (توليفة) السويس التى تفتح ذراعيها كما قلت فى المقدمة لمن يخلصون لها ويعملون من اجلها وتمنحهم حبها وثقتها بل واعلى المناصب فيها.

ولعل (احمد حلمى بدر) خير نموذج على هذا - فقد جاء الى السويس فى بداية الثلاثينات- وسرعان ماارتبط بالسويس واصبح واحدآ من اهلها تفتخر به تمامآ كما يفخر بها- وحين اختارت مصر - ممثلة فى شخص (انور السادات ) رئيس الجمهورية ، أحد ابناء السويس محافظآ لها - كان احمد حلمى بدر المرشح الاول لهذا المنصب من بين ثلاثة شخصيات.

وحياة هذا الرجل اشبة بقصة حياة السويس - تلك المدينة التى يتأرجح تاريخها دائمآ بين الذبول والانتشار - ففى بعض الفترات تجده فى اعلى قمة الهرم السياسى – ثم يعود الى الظل فترة اخرى - سواء برغبته او رغما عنه – وتجده بعدها فى مركز الاحداث ووسط الاضواء مره اخرى اقوى مما كان - وهكذا استمرت مسيرة ( احمد حلمى بدر) على مدى سنوات حياته، والتى تزيد على التسعين عامآ- لكنك لاتستطيع ان تتجاهله وانت ترصد اعلام السويس ، فيكفى انه المحافظ المدنى الوحيد فى سجل محافظى المدينة بعد ثورة 23 يوليو 1952 – والمحافظ الوحيد للسويس الذى تم اختياره من بين ابنائها .

حضر ( احمد حلمى بدر ) الى السويس فى بداية العشرينيات من عمره ، شابآ يافعا من احد قرى المنوفية ( قرية الراهب ) - لكنة للأمانة الشديدة لم يقل يومآ سوى من السويس
عمل ( احمد حلمى بدر ) فى بدايات حياته العملية مع احد رجال الاعمال فى المدينة . حيث حقق
تواجدآ محترمآ فى السويس لفت اليه الانظار - على الرغم من سنه الصغير – فقد اتسم بالأمانة والأخلاص مع من يعملون معه - أو يعمل معهم ، بالاضافة الى تميزه فى ادارة الاعمال التجارية واعداد الموازنات للمشروعات التى يعمل بها

و كانت السويس فى الثلاثينات احد المدن التجارية الهامة ذلك الوقت ترتبط بعلاقات الاستيراد والتصدير مع المدن التجارية الهامة فى مصر و العالم العربى ، على الرغم من ان عدد سكانها لم يكن يتجاوز 100 الف نسمة وقتها.

ويدفع تقدير الناس له واشادتهم به الى ترشيح نفسه فى انتخابات المجلس البلدى عام 1946 ، وسط مجموعة من كبار السياسيين وقتها منهم الحاج نجيب العسكرى والحاج امين بدرة والحاج السيد احمد فؤاد وغيرهم من الاسر السويسية الراسخة ، وكان هو الشاب الصاعد الواعد بينهم - بالأضافة الى مايتمتع به من قبول حباه الله به - وميل الى الدعابه المقبوله مما وفر له النجاح فى تجربته الانتخابية الاولى ، وبعد نجاحه يستقل ( احمد حلمى بدر ) بعمله ويفتتح مكتبآ للمحاسبة مع صديق عمره وهو المحاسب محمد احمد كمال .

وبذكاء معهود فى الرجل يرى ان الظروف العامة مواتية لكى يلعب دور اكبر تأثيرآ ، خاصة مع قيام ثورة 1952 - فيرشح نفسة لعضوية أول مجلس امة (مجلس الشعب) عام 1957 فى تاريخ الثورة المصرية - فى مواجهة الحاج ( محمد احمد حمد الله ) سليل احد الأسر الكبيرة ذات الأصول القناوية - وتنقلب السويس رأسآ على عقب فى معركة ضارية وصلت الى كل شوارع وحوارى المدينة ، ليفوز بالمقعد (بينما يفوز البكباشى (المقدم) عبد السلام شلبى فى الدائرة الثانية على المحامى ( مصطفى المشوادى )

وكانت السويس وقتها مقسمة الى دائرتين الأولى شرق شريط السكه الحديد الذى كان يقسم المدينة نصفين والثانية غرب السكة الحديد.، ويأتى بعدها انتخابات التنظيم السياسى الذى اقامه جمال عبد الناصر لجماية الثورة تحت اسم (الاتحاد القومى) ويحصل ( احمد حلمى بدر) على المركز الاول على السويس - ويتم اختياره بعدها اول سكرتير عام للأتحاد القومى بالسويس
.
وتتوالى النجاحات ويتم أختياره عضوا بمجلس الامة الاتحادى الذى يضم نوابآ مصريين وسوريين بعد الوحده بين مصر وسوريا.
ويستمر( احمد حلمى بدر) عضوا فى مجلس الامة لمدة تقارب الثلاثة سنوات حتى وقوع انقلاب الانفصال فى سبتمبر عام 1961,وهو مااضطر ( عبد الناصر ) لان يعيد تشكيل التنظيمات السياسية المساندة له ،وادرك (حلمى بدر) ان الوقت قد يكون غير مناسب للاستمرار فى لعب دور سياسى و اثر الابتعاد والتركيز فى العمل التنفيذى ، حيث تولى رئاسة اول شركة للشحن والتفريغ تابعة للدولة يتم انشاؤها فى السويس.

الا انه عاد مرة اخرى الى الحياة السياسية عام 1971 ربما بأقوى مما كان - بعد ان قام رئيس الجمهورية ( انور السادات ) بحسم صراع السلطة بينه وبين ا لمجموعة التى كانت تحيط بالرئيس ( جمال عبد الناصر) وازاحها السادات لينفرد بالحكم فيما اطلق عليه ثورة 15 مايو ،1971 والذى ازاح فيه كل رجال( جمال عبد الناصر ) من كل التنظيمات السياسية والشعبية فى مصر، وتبتسم الدنيا له مرة اخرى حيث يعود الى تصدر واجهة العمل السياسى فى السويس ، حيث يعينه ( انور السادات ) عضوا فى مجلس الشعب دورة (1971/ 1976) بعد تعذر اجراء الانتخابات فى السويس بسبب ظروف الحرب ، ويبزغ نجمه بشكل ساطع بأكثر مما كان ويصبح احد نجوم البرلمان المصرى ، وتولى رئاسة لجنة الأسكان بالمجلس لتتوطد علاقته بالمهندس عثمان احمد عثمان وزير الاسكان وصهر الرئيس السادات ورجل النظام القوى ، ويرشحه السادات لانتخابات مجلس الشعب عام 1976

وفيما يشبه لعبة الكراسى الموسيقية استطاع رجال عبد الناصر والتنظيم الطليعى ادارة معركة ضارية كانت فى الاساس ضد ( انور السادات ) وليس ضده بشكل شخصى غير انهم الحقوا به هزيمة قاسية ، ليقبع الرجل مرة اخرى بعيدآ عن الاضواء حيث كان بحسه المرهف طبيعة المرحلة والظروف التلى تمر بها مصر، الا انه يعود مرة اخرى من خلال اصرار الرئيس السادات على تعيينه محافظا للسويس فى ظل شعار ضرورة ان يكون اختيار المحافظين من ابناء المحافظات ويتولى ( احمد حلمى بدر ) منصب محافظ السويس ( من 28 نوفمبر 1978 حتى 16 مايو 1982)

ويثبت الرجل نجاحا ملموسا ويترك بصمات واضحة فى السويس بعد ان دخل فى تحدى مع نفسه ويحقق نجاحات لا يستطيع احد ان ينكرها

1- بدء نقل خط السكة الحديد:-
قام الرجل بالبدء فى نقل خط السكه الحديد - والذى كان يقسم المدينة الى نصفين بالطول - وهو صاحب الفضل فى رفع الجزء الأول من بورتوفيق الى السويس, ، وهو ما شجع الذين جاءوا بعده على استكمال رفع الخط

2- ردم ترعة المغربى:-
وحقق ( احمد حلمى بدر ) انجازآ هامآ انتقل بالسويس الى مصاف المدن الحضارية خلصها من الشكل البدائى الذى كانت عليه المناطق الغربية من المدينة ، حيث كانت هناك ترعة مياه حلوه تشطر السويس الى نصفين بالعرض ، وتبدأ من قرب نهاية ترعة الاسماعيلية عند ميدان الهويس وتخترق المدينة حتى منطقة المصانع وشركات البترول ، وتنبه ( احمد حلمى بدر) الى ضرورة ردم هذة الترعة واقامة خط بديل لنقل المياه تحت الأرض ،واستغرقت هذة الخطة جهدآ ووقتآ اختصره الرجل بااتصالاته خاصة مع رئيس الجمهورية (انور السادات) الذى كان يدعمه بوصفه احد رجاله المخلصين

تطهير منطقة الخور:-
وواجه ( احمد حلمى بدر ) فى بداية توليه المنصب مشكلة تسببت فيها سنوات الحرب الستة من عام (1967) حتى عام (1973) ، حيث كان يتم صرف المخلفات البشرية والطبيعية فى بحيرة متصلة بمياه الخليج تقع شرق المدينة و تحمل اسم (الخور ) مما نتج عنه انسداد كافة خطوط الصرف الصحى وانبعاث الروائح الكريهة حول البحيرة وارتفاع منسوب المياه الجوفية اسفل كل مبانى المدينة مما تسبب فى موجة من انهيارات المبانى ، وواجه الرجل المشكلة من خلال لجنة هندسية رفيعة المستوى انتهت الى ضرورة تكريك وتطهير البحيرة التى تصل مساحتها الى اكثر من 50 فدانا وهو يحتاج الى معدات ضخمة بالاضافة الى ميزانية تصل الى مايزيد على 80 مليون جنيه ، واستطاع الرجل بالفعل من خلال اتصالات عالية المستوى تذليل كافة العقبات وتم بالفعل تدبير الاعتمادات المطلوبة وتطهير البحيرة وانقاذ السويس من مخاطر التلوث وانهيارات المبانى .
إجراء اول انتخابات نزيهة:-
يذكر تاريخ السويس لهذا الرجل قيامه بأجراء انتخابات المجالس المحلية فى السويس عام 1979 بنزاهة تامة - فى ظل عدم وجود اشراف قضائى وقتها - حتى فى مواجهة الذى اختلفوا معه ووقفوا ضده فى مسار حياتة السياسية.و كان يمكن له فى ظل عدم وجود الأشراف القضائى ان ينتقم من اولئك الذى ناصبوه العداء فيما قبل ، الا انها انتهت بنجاح كل خصومه السابقين وسقوط اغلب رجاله المرتبطين معه ، لكنه نال احترام كل المشتغلين بالعمل السياسى داخل وخارج السويس

وبعد اغتيال السادات فى 6 اكتوبر 1981 والذى كان يرتبط بعلاقة وثيقة به – أصيب ( احمد حلمى بدر) بحالة من الاحباط والأسى - فقد كان يحب السادات ويردد دائمآ ( انا واحد من جنود انور السادات) - وطلب بدر من الرئيس مبارك الذى خلف السادات - اعفائه من منصبه - اكثر من مرة- الى ان استجاب له ( حسنى مبارك ) فى مايو 1982 فى أول حركة محافظين بعد أغتيال السادات.

وقبع (احمد حلمى بدر) بعد خروجه من المنصب فى منزله يتأمل رحله عمره السياسية والتى امتدت عشرات السنين - الى أن اختاره الله الى رحابه فى 18يناير 2008 بعد ان سطر اسمه كواحد من اعلام هذه المدينة التى أعطت مصر الكثير

وقد رأيته أخر مرة عام 1995 عندما زرته فى منزله بالقاهرة مع المرحوم يوسف الجناينى - وكان يجلس خلف نافذة كبيرة تطل على شارع بالماظة وكان رغم سنوات عمرة واعيآ بما حوله وبما يتحدث عنه

 

4 ac61d

 

قيم الموضوع
(0 أصوات)

فيس بوك

Ad_square_02
Ad_square_03
.Copyright © 2024 SuezBalady