Login to your account

Username *
Password *
Remember Me

الحمامات الشعبية في السويس

بقلم : محمد عبد اللطيف حمدان

حينما يدق العيد ألأبواب يجد الجميع في انتظاره حيث يخرج الناس الي الشوارع لاستقباله وعادة ما يستقبله المصريون بطقوس متوارثة  من أغرب هذه الطقوس الاستحمام ليلة العيد , وكان المصريون القدماء أول من يستعدون لعيد شم النسيم بالاستحمام في ليله قدومه وذلك خوفا مما يعرف بـ ( الشمامة )  حيث كانوا يعتقدون بوجود جماعات تمر ليلة العيد على البيوت لتعرف من لم يغتسل وتصب عليه. اللعنات , 

وتعتبر مصر من أعرق التي يستعد أبنائها للعيد وهم في أبهي صورة ومن بين المباني العتيقة  التي كانت موجودة بكثرة زمان والتي انقرضت حاليا ما عرف بالحمامات ألشعبييه العامة والخاصة التي تفنن المصريين في تشييدها وعمارتها بل جعلوها تحفة فنية تجسدت روائع الفن والعمارة . 

 والسويس مثل غيرها من المدن المصرية التي انتشرت  فيها الحمامات الشعبية خاصة في عهد الخديوي وهي الحقبة التي أقيم بالسويس خلالها عده حمامات كانت موجودة حتي عام 1967 ولكن للأسف  تهدمت بعد العدوان الإسرائيلي عام 1967  وتحولت إلى أكوام من الركام نتيجة القصف المستمر علي المدينة , ويذكر الكابتن احمد أبو الخير ( كالا ) أن السويس كانت من أشهر المدن التي شيدت فيها حمامات شعبية عامه وخاصة  حيث كان الأهالي يتوجهون إليها  مرتين في الأسبوع تقريبا باختلاف مشاربهم ومن أشهر تلك الحمامات كما يقول كالا  حمام ( الكرانى ) الخاص الذي كان يضم مغطس كبير  مملوء  بمياه شديدة السخونة وكان ( المستحم ) يمر بعده مراحل  تبدأ بالدخول الي حجره واسعة  وهو يعقد حول جسمه بشكير أو فوطه كبيرة ثم يقاد بعد ذلك الي ممر يشعر خلاله وهو سائر بوهج الحرارة الشديدة التي كانت تشتد تدريجيا مع الاقتراب من ألحجره التالية التي يجد  فيها ( المستحم ) نفسه وسط  سحابه من البخار الساخن الذي يخترق مسام جسده  فيرقد علي قطعه من الصوف إلي إن يقوم (  المدلكاتى ) بتدليك المستحم بفوطه من الصوف الناعم  وعندما يتأكد إن البخار قد اخترق المسام يبدأ (المكبساتى ) في المرور علي مفاصل الجسم بقطعه أخرى من الصوف النعم  ويكون الكبس قويا حتي يتخلص من الوساخات العالقة بالجسم ثم يقتاد المستحم بعد ذلك الي  حجره  مجاوره ليغتسل بواسطة  ( المليفاتى ) الذي يصب المياة الدافئة علي المستحم في النهاية  يرتدى المستحم  قميصا  طويلا حيث يعاد  به الي ألحجره الأولي لأخذ فنجان من القهوة المغلية مع حجر شيشة ( حمي ) سويسي مبسمها من العضم او الالبستر وعندما يأتي موعد الانصراف تكون ملابس المستحم ( الزبون ) قد عطرت بالطيب غالي الثمن .. ويذكر إن كل الحمامات في السويس كانت خاضعة للإشراف الحكومي المباشر 

وكانت الحمامات ألعامه في السويس تعمل علي فترتين  الأولي من المساء و حتى ظهيرة اليوم التالي وتكوم للرجال فقط  .. ومن بعد الظهيرة إلى العشاء  للنساء يوم الخميس من كل أسبوع  وكانت تتولى إدارة حمام  النساء سيدات يطلق عليها  ( المعلمة ) تساعدها سيدة أخرى تعرف بــــ ( الخادمة ) وهي التي تقوم علي خدمه المستحمات  وتجلب إليهن المناشف بعد خروجهن  من المغاطس  وكان اجر دخول الحمام كما ذكر في كتب التراث في تلك الفترة ما بين 20 الي 30 باره نظير الاستحمام بالمياه المعطرة بماء الورد ويحكي ان متوسط عدد رواد الحمام في اليوم الواحد  تتراوح ما بين 20 الي 25 رجلا وسيدة . 

ويحكي ان حمامات السويس القديمة كانت قد شيدت وفق طراز الحمامات الاوربيه التي كانت تحرق الأخشاب تحت المغاطس من اجل تسخين المياه وفي السويس كانت ( قدر الفول ) توضع بين ألأخشاب ويحكي أيضا إن الحمامات في السويس  كانت تتألف من ثلاثة  أقسام متدرجة الحرارة  كل حمام يتكون من فسحة واسعة حولها مصاطب  محاطة  بدرابزين خشبي  يتوسطه مغطس رخامي .

ويحكي الكابتن ( كالا ) إن حمام ( الكرانى )  علي سبيل المثال كان يقع في السوق العمومي القديم بالقرب من وكاله عوض شحاتة لتجارة الفحم بحوار مسجد ( النقادى ) بالكسارة  .    

هكذا كان للحمام الشعبي في السويس ضرورة لكل الناس حيث لم تكن هناك كما قولنا  حمّامات في البيوت فكان الجميع يتخذ من الحمامات العامة والخاصة مكاناً  للاستحمام , ومن المناسبات التي كانت تزدحم فيها حمامات السويس كما بقول الكابتن كالا موسم الحج حيث يسارع حجاج شمال إفريقيا من ليبيا وتونس والمغرب والجزائر وموريتنا الاستحمام في السويس فبل مغادرتهم المدينة في طريقهم لأداء الفريضة 

ويحكي الباحث السويسي المرحوم  فؤاد جبر ان الملك فؤاد الأول كان قد بني في السويس حمامان شعبيان من اجل تقديم خدمه الاستحمام المجاني للعاملين الوافدين المشتغلين في المعسكرات البريطانية وكان يقدم لمستخدمي الحمامات كل  أدوات النظافة كالصابون وخلاقة بالمجان . 

 ويحكي إن أول حمام شعبي أقيم في السويس كان بجوار مسجد سيدي الغريب الحالي  وكان يسمي  ( حمام فؤاد ) ويروى ان ذلك الحمام كانت مساحته كبيره حيث ضم حوالي 40 مغطس اما الحمام الثاني فكان في حي الأربعين  وهو الحمام الذي ضاعت معالمه بعد إن  تحول الي مجمع طبي يعرف حاليا باسم ( مستوصف جمعية القلعة للتنمية الاجتماعية ) بشارع مظلوم .

كل سنة والسويس وأهلها بخير

قيم الموضوع
(0 أصوات)

فيس بوك

Ad_square_02
Ad_square_03
.Copyright © 2024 SuezBalady