بقلم المؤرخ  السويسي : حسين العشي

كان ذلك اثناء فترة التهجير يوم انتزاع السوايسة بالعافية من منازلهم ونقلوا عنوة, بما استطاعوا حمله من عفش البيت الى معسكرات التهجير على طول مصر وعرضها - وعاشوا فى الوحدات الصحية والمجمعة وتحت مدرجات الملاعب 6 سنوات كامله - وصرفت الشئون الاجتماعية مشكورة ( 5 قروش ) – نعم 5 قروش – لكل فرد من الاسرة بحد اقصى 30 قرش فى اليوم - ليأكل ويشرب وينام ويتعلم منهم – ايام سودا – ربنا لا يعودها .

وكنا تلك الايام كنا ( نستنشق ) على اى شىء ايجابى يخرج من بين هذه المعسكرات – وكنت اهتم فى ( الوعى ) بالاخبار التى ترفع معنوياتنا – وأبحث عن المتفوقين فى أى مجال .

وأذكر ان أول الثانوية العامةعلى السويس اول سنوات التهجير هو الطالب ( الدكتور – حاليا ) رضا صالح – وفى السنه التى يليها الطالب ( الدكتور ) غريب عبد المقصود
وفى السنة التى تليها طلبت من الصديق محمد شرف سكرتير تحرير ( الوعى ) وقتها الذهاب الى وزارة التربية والتعليم كالعادة كل سنة للبحث عن اسم ل طالب السويسى الذى حصل على اعلى مجموع– لأننا وقتها كنا نحرر استمارة الثانوية العامة تحت عبارة مكتوبة تشير ان الطالب من مهجرى السويس .

وفوجئت بالاخ محمد شرف يحدثنى تليفونيا فى مقر الوعى الذى كنا نستأجره فى 30 شارع عماد الدين بالقاهرة ويكاد يغمى عليه وهو يبلعنى
ان الاول هذا العام اسمه ( محمد عبد المولى ) من احد معسكرات التهجير فى الفيوم .
وعندما سألته جاب كام
قال لى :
كام ايه ...ده الاول على مصر كلها
لم اصدق نفسى انا ايضا وكاد يغمى على ..معقول .. اول الثانوية العامة فى مصر كلها هو مهاجر سويسى يعيش داخل معسكر تهجير ..يعيش ظروفنا الصعبة حيث لاسنتر دروس ولا برامج تعليمية ولا دروس خصوصية ولاشىء اكثر من الخمسة قروش كل يوم
واتصلت بكل اصدقائى من الصحفيين فى القاهرة ...اوعوا تنسوا تكتبوا او اول الثانوية العامة على مصر كلها من السويس ..من المهاجرين
وكتبت مانشيت ( الوعى ) الرئيسى ( رفعت راسنا يا محمد ) باللون الاحمر .
وارسلت محمد شرف ليحضر لنا محمد عبد المولى من الفيوم واعددنا له برنامج زيارات الى كل المسئولين من اول المحافظ حامد محمود والاستاذ محمد عروق مدير صوت العرب و جمال سعد امين الانحاد الاشتراكى وكل القيادات السياسية والشعبية ..ولفينا به معسكرات التهجير مصر والقليوبيه والاسكندريه وكل المناطق التى استطعنا الوصول اليها .
واتصل بى الابنودى يسألنى
هو انا مش سويسى والا ايه ..؟
هات ( محمد عبد المولى ) وتعال
واستقبله عبد الرحمن الابنودى فى منزله القديم فى شارع البستان فى وسط القاهره - وكان منزل خشبى قديم - الصعود على سلالمه من عذابات الدهر - وامضيت مع عبد المولى يوما كاملا فى ضيافه الابنودى – الذى كان سعيدا به ويتصل هو ايضا بكل اصدقائه من الصحفيين يطلب منهم الاهتمام بهذا الخبر ..وأظن ان الصورة المنشورة تظهر مدى سعادة الابنودى والذى كان يقدم بنفسه القهوة الى محمد عبد المولى داخل ( صالون ) منزله المتواضع .
وربما يسألنى احد
– أين محمد عبد المولى الان.
والاجابة ..التحق (محمد ) بكلية الاقتصاد والعلوم الساسية - وعمل فى مركز الاعلام بالسويس وخرج الى المعاش منذ اعوام قليلة – وكان يرأس احد المواقع الاخبارية الى وقت قريب ..وهو شخص مهذب جدا لايتحدث عن نفسه ابدا و يتمتع بقدر كبير من الادب والاحترام فى تعامله مع الناس
ولذلك لم يكن كثيرين من السوايسة يعرفون ان ( محمد عبد المولى ) المسئول فى اعلام السويس هو نفسه ( محمد عبد المولى ) اول سويسى يحصل على المركز الاول فى الثانوية العامة ..ومتى .. فى اصعب ظروف يعيشها انسان
بالاضافة الى ذلك كان ( محمد ) كان عازفا عن المشاركة فى العمل العام او الاعلامى بعد تخرجه ... واعتقد ان له اسبابه بالقطع والتى يجب ان نحترمها .
المهم هى فرصة لكى احيى محمد عبد المولى الذى اسعد السوايسة منذ اكثر من 45 سنة .. والى عبد الرحمن الابنودى الذى عاش معنا 6 سنوات شاركنا فيها كل المناسبات ... داخل المدينة وخارجها .